بوتين _ اردوغان :قمهة إغاثة الملهوف ..؟!


بوتين _ اردوغان :قمهة إغاثة الملهوف ..؟!

طه العامري ..

 

تقمص شخصية بطل رواية الرواي السوفييتي ديستوفسكي ( القرين ) استعار بعض أدوار البلياتشو أو بطل السيرك ..حاول ممارسه رقصة (الفلامنكو) الإسبانية منذ واقعة ( دافوس_ البعيد ) حين وضع نفسه بطلا  أو وصيا على فلسطين وغزة تحديدا حيث حركة حماس إحدى أجنحة حصان طروادة الذي راهن عليه السلطان العثماني. الحالم بعودة أمجاد الإمبراطورية العثمانية فيما بدأ الرجل يطرح نفسه كحارس أمين وبطلا لأهل ( السنة والجماعة )..؟!!

واقعيا لم يكد كتاب ( اوغلو) وزير خارجيه السلطان لسنوات ينزل للأسواق تحت عنوان ( تركيا والجوار صفر مشاكل ) حتى تفجرت ازمه ( الربيع العربي ) التي سرعان ما راح الرجل يرقص على انغامها ويقدم نفسه كمنقذ للمنطقه والمؤهل لملء الفراغ الإستراتيجي في سماء الوطن العربي اهتبل الرجل شرارة ازمه المنطقه واللحظة وراح يتبني جماعة الراديكالية الاسلاميه المتطرفة ويغذيها بكل عوامل الحركة والديمومة والفعل التدميري لكل نطاقات المنطقه بدءا من تغذية الصراع الداخلي الفلسطيني وتشجيع جماعة حماس لشق وحدة الصف والقضية إلى العراق واليمن وليبيا وتونس ومصر غير أن في سوريه كان للرجل حسابات أخرى نسجتها أوهام أو عقدة النرجسية العثمانية التي توهم الرجل إمكانية احيائيها على وقع التمزق الذي تعيشه المنطقه قطريا وقوميا..

كان العام 2011م بداية التحول الوهمي لتركيا تنمويا حيث اشتعلت الفتن والاضطربات في عموم الوطن العربي وكانت تركيا هي الحاضن البديل لمترفي المال العربي وفيما راح السلطان يرسل بشحنات الموت لكل الأقطار العربية وخاصة اليمن ومصر وليبيا فيما جعل   من تركيا نقطة عبور لكل محترفي القتل في العالم نحو سورية ساعيا وداعيا ومحرضا وممولا لتدميرها بدوافع انتقامية وثارية راغبا بالتخلص منها كمنافس صناعي واقتصادي وحاجز منيع تحوؤل بين تطلعات السلطان في الوطن العربي ناهيكم أن سورية كانت حاضنة لأحلام الأكراد وتطلعاتهم المشروعة وكان حزب العمال الكردستاني بقيادة المناضل عبد الله اوجلان يتخذ من سورية مقرا له حتى سنوات قليلة خلت ولم تكن هذه الحقائق غائبة عن السلطان الذي اندفع نحو سورية بكل الأحقاد التاريخية الحديثه والمعاصرة ضد دمشق العروبة والسد الذي تتحطم على اسواره اطماع كل غزاة الأرض ومنهم الأتراك ..

تداعيات الأحداث طبعا خذلت تطلعات الرجل وتبخرت أحلامه من خلال الصمود الأسطوري للدولة العربية السورية كما انهارت الراديكالية الإسلامية التي حاول أن يجعل منها حصان طروادة اضافه إلى خذلان أوروبا وأمريكا أو تحفظهم على تطلعات واهداف الرجل فكانت موسكو هي القبلة التي توجه إليها منذ شعر الرجل بانهيار حساباته الجيو سياسيه في لحظة ارتداد استراتيجي للرجل وعبر هجمة مرتدة وجهت بقوة لوجه السلطان العثماني عبر تفاهمات دمشق مع الفعاليات الكردية ومنحها صلاحيات الإدارة الذاتية لنطاقاتها الحدودية المتأخمة لتركيا ..

في موسكو حضر الرجل بساق واحدة فيما الساق الثانية كانت في واشنطن ..لكن في واقع الحال كانت الرحلة لموسكو أشبه بلعبة ( الروليت الروسية )  وهي آخر رقصة أو لعبة متاحة أمام السلطان الخائب الذي مارس سياسة المقامرة حد الابتذال ..!!

فإمام (السنة ) الذي رفع شعار غزة حليف صناعي عسكري واقتصادي واستخباري لكيان الاحتلال ..يغيضه كل تطور عربي يتحدث عن انتمائه ( السني ) ويوهم المتابع أنه يواجه ( إيران الصفوية وسوريه العلوية وحزب الله الشيعي ) وهو في الواقع يسعى بالاطاحة بكل الحضور ( السعودي ) في النطاقات الجغرافية العربية ويعمل على تمزيق النسيج العربي قطريا وقوميا ولكنه وبفعل صلابة دمشق ومحور المقاومة وهشاشة علاقته الاوروبيه والأمريكية عاد لحضن ذات المحور برعاية روسية ..

أقول في موسكو وصل الرجل ليقف أمام القيصر على الطاولة بساق واحدة والأخرى تركها في واشنطن ..في لقاء مغلق دام لثلاث ساعات وعشرين دقيقه أمام القيصر الذي أدرك من الثواني الأولى للقمة نوايا السلطان وخلال الربع الساعه الأولى من القمة كان السلطان يشكو ويسرد مطالبه مستجديا وساطة روسية أولا مع دمشق وضمانات روسية _ إيرانية تحوؤل بينه وبين حسابات دمشق ومطالبها بدءا من البحث عن مخرج يحافظ على ماء وجه السلطان ويخرجه من مستنقع إدلب وخواتها إلى إقناع دمشق بفتح صفحة جديدة مع أنقرة وطي ملف السنوات الماضية وإعادة تفعيل اتفاق 1998م الأمني بين دمشق وانقره واخر المطالب ما يتصل بمواقف دمشق من لواء الأناضول العربي السوري ..؟!

غير هذا هناك ملفات ساخنة طالب الرجل من موسكو العمل على إقناع دمشق باغلاقها ..لم يتردد القيصر في فهم وتفهم دوافع الرجل ورحل كل هذه المطالب إلى قمة قريبة تجمعه بالقيصر والرئيس الدكتور بشار الأسد والرئيس الإيراني ..فيما ما تم الإعلان عنه رسميا يندرج في سياق التسويق الإعلامي  المعتاد والمتعارف عليه انطلاقا من القاعده الراسخة والثابته في العمل السياسي وهي أن السياسي يقول ما لا يبطن ويتحدث بشي ويعني به شيئا آخر  ..!

السلطان العثماني وباختصار يمارس احقر أشكال الابتزاز السياسي في العراق وسوريه بدافع أحقاد متراكمة لديه ضد كل عربي أرضا كان أو إنسان أو قدرات أو لغة أو قيم وهو الذي لم يتردد بأن يتاجر بدم خاشقجي ويبتز به الرياض ماديا ويساوم به واشنطن على رأس خصمه اللدود فتح الله غولن ..؟!

كما يبتز بمسلحي إدلب دول أوروبا ويستغل أوضاع اللاجئين كسلاح لتحقيق أهدافه الاقتصاديه ..ألم يستغل الانقلاب الذي حدث له لتطهير خصومه من مفاصل السلطه والمجتمع وبعشرات آلاف بتهمة أنهم اتباع لفتح الله غولن..وفتح الله غولن هو من اوصله للقمة بعد أن ساعده على الإطاحة بسيده واستاذه ومعلمه قلب الدين أربكان ..؟!!

يتبع